تواصل معنا - بالواتس اب

تشغل قضية الأمن الغذائي ركنا اساسيا فى الاقتـصاد المـصري وذلك نظرا لارتباطها الوثيق بعملية التنمية الاقتصادية

الاقتصاد المصري,الذرة,الأراضي الزراعية,الطاقة,وزارة التموين,الأمن الغذائي,ملف الأمن الغذائي,الأمن الغذائي المصري,الأمن الغذائي في مصر,الأمن الغذائي المصري 2020

الأمن الغذائي

الاكتفاء المؤجل.. ضرورة الأمن الغذائي المصري

الأمن الغذائي
الأمن الغذائي

تشغل قضية الأمن الغذائي ركنا اساسيا فى الاقتـصاد المـصري وذلك نظرا لارتباطها الوثيق بعملية التنمية الاقتصادية من ناحية الاستقرار السياسي والاستقرار الاجتماعي مـن ناحية أخرى، فهي قضية ذات جوانب متعددة، ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بعدد من القطاعات والمؤسسات المختلفة في الدولة، إلا أنها ترتبط بصفة رئيسية بالقطاع الزراعي، ومن ثم تجعل مـن التنمية الريفية أمراً حيويا لإنتاج مزيد من الغذاء، خاصة في ضـوء محدوديـة المـوارد الطبيعيـة واستمرار الزيادة السكانية ومن ثم زيادة الطلب على الغذاء. 



فلا يمكن النظر إلى قضية الغـذاء في مصر بمعزل عن قضية الغذاء على الصعيد العالمي، فقد أشارت مؤشرات دولية عديدة رصدتها منظمات عالمية وعلى رأسها " منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO" إلى ظهور أزمة عالمية للغذاء ، سوف تنسحب تداعيات هذة الأزمة العالمية على أوضاع الغذاء فى مصر ، كما كان للظـروف والعوامـل الطبيعيـة المؤثرة على حالة الإنتاج والتجارة العالمية للحاصلات الزراعية الرئيسية (خاصة الحبـوب والتـي تشكل المكون الرئيسي للأمن الغذائي العالمي) والتطورات الأخيرة في العلاقات والفكـر الـسياسي والاقتصادي العالمي وما صاحبهما من تغيرات مؤسسية تأثيرها المباشر وغير المباشر على حالـة الأمن الغذائي خاصة بالنسبة للدول النامية ومنها مصر، مما يتطلب معه تـضافر الجهـود لتحقيـق المستوى المطلوب من الأمن الغذائي.

لذا تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على مفهوم الأمن الغذائي والتحديات التى  تواجه تحقيق ذلك فى مصر مع استعراض لاهم ملامح المنظومة الحالية فى محاولة جادة للنظر فى الحلول غير التقليدية الممكنة لتحقيق الامن الغذائى خصوصا وفى ظل التغيرات المستقبلية والاحتياجات المستقبلية الناتجة عن تلك التغيرات .  

أولًا: الأمن الغذائي ..المقومات والتحديات

شاع استخدام اصطلاح الامن الغذائى فى الادب الاقتصادى منذ بدايه السبعينات من القرن العشرين للدلاله على الطبيعة الخاصة للعجز الغذائى و مدى خطورته على كل من الامن السياسى و الاقتصادى و الاجتماعى للمجتمع ككل . فالامن الغذائى يشير الى توافر الطعام للفرد ‘ فتعتبر الاسر مؤمنه غذائيا  عندما لا تتعرض للجوع ولا تخاف من الموت جوعا و تتعدد مفاهيم الامن الغذائى و لكن جميعها يشير الى قدرة المجتمع على تلبيه احتياجات سكانه من الغذاء الكافى و الصحى . تتبنى عدد من المنظمات الاقليميه و الدولية مفهوما خاصا بكل منها للامن الغذائى و ذلك للاهميه المتزايدة التى تبديها المجتمعات نحو تلك القضيه لان لهذه القضيه اثار على الامن القومى العام و ايضا باوضاع بعض الفئات الاجتماعيه خاصة محدودة الدخل ، و من المنظمات و المؤسسات التى لها تعريفاتها الخاصه للامن الغذائى كل من : البنك الدولى للانشاء و التعمير و منظمة الاغذيه و الزراعة ( الفاو ) و المنظمة العربية للتنمية الزراعية فيما يلى عرض بسيط لتلك المنظمات بصدد ذلك المفهوم  :

1-تعريف البنك الدولى :

عرف البنك الدولى الامن الغذائى على انه " امكانية حصول كل الأفراد فى جميع الاوقات على الغذاء الكافى اللازم لنشاطهم و صحتهم " و يتحقق الامن الغذائى لقطر ما عندما يصبح هذا القطر بمنظماته التسويقية و التجارية قادرا على امداد كل المواطنين بالغذاء الكافى فى كل الاوقات حتى فى اوقات الازمات و فى اوقات تردى الانتاج المحلى .

2-تعريف منظمة الاغذية و الزراعة ( الفاو ) :

ترى منظمة الاغذية و الزراعة ان الامن الغذائى يتحقق عندما يتوفر لكل الأفراد فى جميع الاوقات القدرة الفيزيقية و الاجتماعية و الاقتصادية للحصول على كمية من الغذاء كافية و امنة لمقابلة احتياجات الانسان من الطاقة و مرتبطة بتفضيلاته الغذائية لضمان حياة صحية و يتفق هذا التعريف مع تعريف البنك الدولى فى كل من الاساس الفيزيقى و الشمول و الزمنى و عدم اشتراطه لمصدر الغذاء سواء من الانتاج المحلى او من الواردات او من كليهما معا و لكنه يختلف فى اشتراطه ان يكون الغذاء عاملا اساسيا فى حياة صحية و نشيطة. 

3-تعريف المنظمة العربية للتنمية الزراعية :

اقر وزراء الزراعة العرب اعضاء الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية فى اطار ما سمى بـ " اعلان تونس للامن الغذائى العربى " فى يناير 1996 بتونس العاصمة المفهوم العربى للامن الغذائى و الذى يعنى توفير الغذاء بالكميه و النوعيه اللازمتين للنشاط و الصحة بصورة مستمرة لكل افراد الامة العربية اعتمادا على الانتاج الذاتى اولا وعلى اساس الخبرة النسبية لانتاج السلع الغذائيه لكل قطر عربى و اتاحته للمواطنين العرب بالاسعار التى تتناسب مع دخولهم و امكاناتهم المالية . 

من هنا يمكن التمييز بين مستويين للأمن الغذائي: مطلق ونسبي. فالأمن الغذائي المطلق يعني إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلّي، وهذا المستوى مرادف للاكتفاء الذاتي الكامل ويُعرّف أيضا بالأمن الغذائي الذاتي. أمّا الأمن الغذائي النسبي فيعني قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على توفير السلع والمواد الغذائية كلّيا أو جزئيا. ويُعرّف أيضا بأنّه قدرة قطر ما أو مجموعة أقطار على توفير احتياجات مجتمعهم من السلع الغذائية الأساسية كلّيا أو جزئيا وضمان الحدّ الأدنى من تلك الاحتياجات بانتظام.  

ومن ثم فالامن الغذائى يرتكز على اربع مرتكزات هى : وفرة الغذاء و وجود السلع الغذائية فى السوق بشكل دائم و ان تكون اسعار السلع فى متناول الجميع و امان الغذاء ان يكون امنا و موثوق به.

لكن يقصد بالاكتفاء الذاتى قدرة مجتمع ما على انتاج جميع احتياجاته محليا اعتمادا على موارده المتاحة الطبيعيه و البشرية و المالية دون الحاجة الى الاخرين ، و قد يكون الاكتفاء الذاتى من الغذاء كليا اى انتاج الغذاء الذى يحتاجه المجتمع بجميع انواعه دون استيراد و قد يكون جزئيا يرتبط بمجموعة من السلع دون الاخرى. 

حيث يوجد عدة اختلافات بين المفهومين الامن الغذائى والأكتفاء الذاتى كما يلى : 

1ـ الاكتفاء الذاتى مؤشر قومى يشير الى ان الانتاج القومى المحقق فى الغذاء يكفى لتغطيه احتياجات المجتمع و عدم الاستيراد من الخارج لكن ذلك لا يمنع من وجود بعض الفئات غير القادرة فى المجتمع و التى لا يمكنها ان تحصل على كفايتها من الغذاء نتيجة لانخفاض دخولها من ناحية او لارتفاع اسعاره من ناحية اخرى .

2- قد يحدث الاكتفاء الذاتى سياسيا او جبريا نتيجة منع استيراد الغذاء بقرارات سيادية و فى هذه الحاله قد تكون متوسطات استهلاك الفرد من الغذاء اقل بكثير من احتياجاته و هو ما حدث فى عدد من بلدان العالم . 3-يشترط تحقيق الامن الغذائى ان يكون الغذاء صحيا و امنا بينما يقاس الاكتفاء الذاتى بكمية الانتاج بغض النظر عن نوعية هذا المنتج الغذائى .

تحديات تحقيق الأمن الغذائى المصرى : 

يلعب قطاع الزراعة دوراً هاماً وحيوياً في الاقتصاد القومي المصري , فهو القطاع المسئول عن تحقيق الأمن الغذائي للشعب المصري , حفاظاً على الأمن القومي , ويعمل في هذا القطاع نحو 34% من القوى العاملة المصرية، ويساهم بحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي , وبنحو 15% من قيمة الصادرات الكلية , فهو أساس القطاع الريفي المصري الذي يمثل أكثر من 50% من عدد السكان.

الأ انه تنوع التحديات التي تُواجه تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر، وتتمثل أبرز هذه التحديات التي تواجهها مصر في مجال الغذاء في غالبيتها تتعلق بالسياسات المتبعة في المجال الاقتصادي بوجه عام، وفي المجال الزراعي بشكل خاص. 

1ـ تجريف الأراضي الزراعية :

 يُشكِّل تجريف الأراضي الزراعية والاعتداء عليها، سواء بالتبوير أو البناء المخالف، وتحويلها من نشاط زراعي إلى أنشطة أخرى بديلة  إحدى المعضلات التي تشكل تهديدًا لثروة مصر من الأراضي الزراعية، والتي تؤثر بشكل مباشر على قضية الأمن الغذائى المصرى فوفقًا لتقرير رسمي أصدرته الإدارة المركزية لحماية الأراضي التابعة لوزارة الزراعة، فإن إجمالي عدد حالات التعديات على الأراضي الزراعية منذ 25 يناير 2011 بلغ مليونًا و240 ألف حالة بإجمالي مساحة 53 ألفًا و688 فدانًا.

2ـ  ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الزراعية: 

أدى ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية نتاجًا لغياب السياسة الزراعية الرشيدة، وسيطرة تجار السوق السوداء على حركة تجارة الأسمدة إلى ضياع حقوق الفلاحين من أصحاب الملكيات الصغيرة والمتوسطة، وعدم قدرتهم على الحصول على الدعم المستحق لهم، وعمق من هذه المعاناة أيضًا ارتفاع أسعارها في ظل أزمة الدولار، بما أدى إلى عزوف الفلاحين عن شرائها، وبما له من تأثيرات مباشرة على تراجع إنتاجية الفدان.  والمخزون السلع الأستراتيجية كالقمح . 

3ـ أزمة السياسة المائية الزراعية:  

تمثل السياسة المائية المتبعة في ري الأراضي الزراعية بالغمر إحدى المشكلات التي تواجه السياسة الزراعية في مصر، لا سيما وأن مصر تُعد من الدول الفقيرة مائيًّا، وهو ما نتج عنه عدم وصول مياه الري إلى نهايات الترع والمصارف، بما أدى إلى تبوير آلاف الأفدنة الزراعية في عدة محافظات، وأثر سلبًا على تراجع الرقعة الزراعية المخصصة للمحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح. 

4ـ الثقافة الغذائية للمصريين:  

تعتمد الثقافة الغذائية للمصريين على استهلاك منتجات القمح وغيرها من محاصيل الزراعية الهامة بصورة المختلفة، بما جعل مصر وفي ظل الزيادة السكانية المتنامية من أكبر الدول المستوردة للقمح، حيث توجد فجوة ملحوظة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، الأمر الذي أسهم في ارتفاع فاتورة واردات القمح التي تقدر بنحو 50% من إجمالي الاستهلاك. 

5ـ عجز الميزان التجاري للغذاء:

توضح الأرقام الخاصة بالفترة من عام 2000 وحتى 2010 وجود عجز في الميزان التجاري للسلع الزراعية في مصر. ففي عام 2000 بلغت الصادرات الزراعية في مصر 509 ملايين دولار، بينما بلغت الواردات 3 مليارات دولار، وفي عام 2005 بلغت الصادرات الزراعية 1.1 مليار دولار، بينما بلغت الواردات الزراعية 3.9 مليارات دولار، وفي عام 2010 بلغت الصادرات 4.6 مليارات دولار، بينما بلغت الواردات نحو 8.6 مليارات دولار. وبذلك يتضح أن الميزان التجاري للسلع الزراعية يعاني من عجز مزمن يتراوح ما بين 3 مليارات دولار و4 مليارات دولار سنويًا.

وتشير بيانات عام 2011/2012 إلى أن المواد الغذائية تمثل 8.5% من حجم التبادل التجاري الكلي لمصر البالغ 77.8 مليار دولار، حيث بلغت الصادرات الغذائية لمصر 1.2 مليار دولار، في حين بلغت الواردات الغذائية 5.4 مليارات دولار. أما إذا تناولنا وضع الحبوب، فنجد أنها تمثل نسبة 5.5% من إجمالي التبادل التجاري لمصر، وبلغت صادرات مصر من الحبوب 0.2 مليار دولار، بينما بلغت الواردات 4.1 مليارات دولار.

6ـ دعم الغذائى :

يحتل دعم الغذاء بندًا رئيسيًا في الموازنة العامة المصرية، وبخاصة ما يتعلق بدعم الدقيق وما يسمى السلع التموينية، وهي تلك السلع الأساسية التي تصرف على بطاقات التموين من سلع أساسية مدعومة، مثل الأرز والسكر والزيت والشاي. وحسب بيانات البيان المالي للعام المالي 2012/2013، فإن الدعم الفعلي للسلع الأساسية خلال العام المالي 2011/2012 قد بلغ 26.5 مليار جنيه، استحوذ دعم الخبز وحده على 16.1 مليار جنيه منها، بينما بلغت قيمة الدعم لباقي السلع الأساسية (زيوت وسكر وأرز وشاي) 10.4 مليارات جنيه.

إلا أن هناك جهودًا من قبل وزارة التموين الحالية لتخفيف عبء الدعم من خلال مواجهة الفساد في ملف الدعم، حيث لجأت الوزارة إلى تحرير سعر الدقيق في أكثر من محافظة، على أن يكون الدعم في مرحلة الخبز المنتج، حتى تمكن السيطرة على عمليات تهريب الدقيق المدعم إلى أسواق القطاع الخاص، وفي نفس الوقت تهدف وزارة التموين إلى تحسين مستوى إنتاج الرغيف من خلال المواصفات التي وضعتها، لاستلام الخبز المنتج من الأفران.

ثانيا : الأكتفاء المؤجل.

تتوجه جهود الدولة حاليا لاستكمال التنمية الشاملة بعد افتتاح القناة الجديدة بتنفيذ مشروع قومى طموح باستصلاح مليون ونصف مليون فدان خلال عام، بهدف إقامة مجتمعات جديدة ، وزيادة الإنتاج ، وإقامة حياة صحية بعيدا عن الزحام وتوفير الغذاء ، ووضع قاعدة بيانات لصانعى السياسات والقرار فى مصر لأنسب المناطق الصالحة للزراعة ، وتوفير فرص عمل ، خاصة فى قطاع الزراعة لشباب الخريجين ، وفق إحصائيات دقيقة لحصر المحاصيل والإنتاج الحيوانى وزيادة الإنتاج بالتوسع الأفقى والرأسي، ومنها المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة ، واستنباط أصناف مقاومة للأمراض والحرارة وعمل خريطة للمناطق الزراعية الجديدة .

من هنا تتضح أهمية ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع الزراعة بمصر، إذا ما علمنا أن نسب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية منخفضة ، فحسب بيانات عام 2011، بلغت نسب الاكتفاء الذاتي من محصول القمح 48.8 %، وتعد مصر المستورد الأول للقمح على مستوى العالم، بحجم استيراد يصل إلى نحو ستة ملايين طن سنويا.

وتصل نسبة الاكتفاء الذاتي من محصول الذرة الشامية 51%، ومن محصول الأرز 98%، مع ملاحظة أن السنوات السابقة على عام 2011 كانت مصر تحقق فيها فائضًا بمحصول الأرز، وكانت قد توقفت عن تصديره على مدار السنوات الخمس الماضية، إلا أنها عاودت فتح باب التصدير للأرز في عام 2012.

وتتدنى نسبة الاكتفاء الذاتي من محصول الفول لتصل إلى 37.3%، ويعد الفول من الوجبات الشعبية في مصر، حيث تعتمد نسبة كبيرة من المواطنين عليه كوجبة غذائية إلى جانب الخبز. أما العدس فتصل نسبة الاكتفاء الذاتي منه في نفس العام إلى 2.2%.

أما الزيوت النباتية فتعاني مصر فيها من نقص شديد وتعتمد على استيرادها بنسب كبيرة، وتصل نسبة الاكتفاء الذاتي منها حدود 20%، أما السكر فتصل نسبة الاكتفاء الذاتي منه نحو 48%.

إلا أن مصر تحقق اكتفاءً ذاتيًا في بعض المحاصيل تصل إلى نسبة 100%، مثل البطاطس، والخضروات الطازجة، والموالح، والفواكه الطازجة، وتعد هذه المحاصيل من المحاصيل التصديرية لمصر، وبخاصة إلى دول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج.

أما اللحوم بأنواعها، فإن مصر لم تصل فيها بعد إلى مستوى الاكتفاء الذاتي الكامل، إلا أن معدلات الأداء فيها لابأس بها، فاللحوم الحمراء تصل نسب الاكتفاء الذاتي منها 82.2%، والدواجن 97%، والأسماك الطازجة 89.3%.

8ـ مشكلات مرتبطة بالزيادة السكانية :

تتمثل فى هجرة مستمرة للقوى العاملة القادرة والمنتجة من الريف الى المدينة او الدول العربية بحثاً عن فرص افضل للعمل ، بجانب  ضعف فى الكفاءة الانتاجية للعامل الزراعة وضيق حيز العمل المزرعى.

أخيرا التغيرات المناخية:  

تؤثر التغيرات المناخية على انتاجية الأرض الزراعية, فالزيادة المتوقعة في درجة الحرارة وتغير نمطها الموسمي سيؤدي الى نقص الإنتاجية الزراعية لبعض المحاصيل وحيوانات المزرعة, ففي مصر يتوقع أن تؤدي التغيرات المناخية الى نقص انتاجية القمح بمعدل 18% إذا ارتقعت الحرارة 4 درجات مئوية , وبمعدل 9% اذا ارتفعت الحرارة 2 درجة ، أما الذرة الشامية فيتوقع أن تنخفض الانتاجية بمعدل 19% بحلول عام 2050 مع ارتفاع الحرارة بمعدل 3.5 درجة, اما القطن فهو عكس المحاصيل الاخرى ستزداد انتاجيته بمعدل 17% مع ارتفاع 2 درجة, وبمعدل 31% مع ارتفاع 4 درجات , اما الأرز فيتوقع انخفاض انتاجيته بمعدل 11% وعباد الشمس ستنخفض انتاجيته 30% كمعدل, والبندورة ستنخفض انتاجيتها 14% مع ارتفاع 1.5 درجة و51% اذا ارتفعت 3.5درجة، اما قصب السكر فيتوقع انخفاض انتاجيته 24.5%.

ثالثا : هل نستطيع تحقيق الأمن الغذائى لمصر ..

ربما تبدوا الاجابة على هذا التساؤل بشكل اولى" لا " وذلك اعتمادا على المؤشرات العامة لبنية الطاقة الانتاجية لمصر ولكن اذا وضعنا تلك المؤشرات على خريطة العلم وتم ادخل عدة عوامل على منظومة الانتاج في كافة المجالات فستختلف الاجابة تدريجيا حتى تصل في النهاية الى نعم ..ويمكننا تفنيد اهم تلك العوامل كما يلي :

دور الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية فى زيادة الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائى

قطعت مصر شوطا كبيرا في مجال التكنولوجيا الحيوية وبصفة خاصة في مجال النشاط الزراعي , حيث انشأت معهدا للهندسة الوراثية يختص بإجراء البحوث في الموضوعات المتعلقة بالتكنولوجيا الحيوية في الزراعة . وقام هذا المعهد منذ نشأته بموجب القرار الجمهوري في عام 1988 بتطوير أصناف المحاصيل المختلفة لمقاومة الآفات الحشرية والأمراض الفيروسية والنباتية ، و تعتبر التكنولوجيا  الحيوية  من أهم التقنيات التي يمكن استخدامها  للتغلب على أزمة نقص الغذاء،  وبالرغم من نجاح الثورة الخضراء إلا أن حصة الفرد من الحبوب فى انخفاض مستمر ، ومن المتوقع إذا ظل إنتاج الحبوب بالشكل الحالى سيصل العجز بمقدار 7‚88 مليون طن فى عام2025، تأتي أهمية استخدام التكنولوجيا الحيوية في وقت تتسارع فيه وتيرة الزيادة السكانية ومخاوف التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة وندرة المياه.

تمثلت الجوانب التطبيقية للتكنولوجيا الحيوية في المجال الزراعي بزراعة الذرة الصفراء المقاومة للآفات الحشرية , حيث أصبحت مصر الدولة رقم 24 في العالم التي تستخدم هذه الأصناف . وحققت الزراعة بالتكنولوجيا الحيوية زيادة في انتاجية الذرة الصفراء بلغت 25%, علاوة علي تخفيض تكاليف استخدام المبيدات لمكافحة الآفات الزراعية ووصل انتاجية الفدان إلي 36 أردبا  وأمكن زيادة دخل المزارع بنحو 40% منها 25% تمثل الاستغناء عن المبيدات ,15% زيادة في الانتاجية . وفي إطار ذلك يمكن أن تؤدي هذه الطريقة إلي زيادة الانتاج في مجال الذرة بنحو 30% واحلال الانتاج المحلي محل المستورد وتوفير نحو 2,1 بليون دولار تستورد بها مصر 5 ملايين طن من الذرة الصفراء  .  

حيث أن تطبيق التكنولوجيا الحيوية يواجه بعض المشاكل التي تتعلق بالبنية الأساسية والقدرات البشرية والمالية والمؤسسية , حيث تستلزم التكنولوجيا الحيوية الكثير من الاستثمارات .

تكمن أهمية التكنولوجيا الحيوية لصناعة الغذاء في زيادة الإنتاجية وكمية الإنتاج من وحدة المساحة كما يتم ذلك في الذرة والاهتمام بالأصول الوراثية بالنسبة للقمح ويكون ذلك بالاستثمار البشري والتدريب الجيد في هذا المجال لتخفيف الفقر والحد منه وتحقيق السلام العالمي يأتى سؤال هنا  : ما هي منافع التكنولوجيا الحيوية الزراعية؟

•    استخدام أفضل للأسمدة.  •    إنتاج نباتات تتحمّل الجفاف والسيول.  •    إنتاج نباتات تتحمّل ملوحة التربة.  •    إنتاج نباتات تتحمل الحرارة والبرودة.  •    إنتاج طعام ذي محتوى غذائي أفضل.  •    إنتاج نباتات سريعة النموّ.  •    تقليل المكونات الطبيعية السامة فى النباتات.  •     تحسين نوعية الغذاء.  •    تقليل المكونات المسببة للحساسية فى النبات.  •    إنتاج ثمار ذات  فترة  تخزينية أطول.  •    أن التكنولوجيا الحيوية يمكن أن تلعب دورا أساسيا في مواجهة ارتفاع أسعار المحاصيل الغذائية , وذلك من خلال العمل علي انتاجها محليا , الأمر الذي يؤدي إلي سد الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي. 

السياسات المقترحة لتحقيق الامن الغذائى فى مصر و اهم التوصيات

يبدو  أن  أغلب  المشاكل  التى  صادفت  وتصادف  القطاع  الزراعى، هى  مشاكل  تفتقد  مبدأى  العقلانية  والرشد ، وإن  كانت  تعتبر  إلى  حد  ما  نتيجة  منطقية  و طبيعية   لعملية   التنمية   فى  بلد  نامى ،  فهى  من  جهه  ترجع  إلى  انعدام   العناية   التى  تولى  لهذا  القطاع  ،  وترجع  من  جهه  أخرى  إلى  أتخاذ  إجراءات  تنظيمية   دون  سابق  فحص  ، ودون  استشارة  خبراء  ومختصين  محليين . ونستطيع  القول  إن  أغلب  المشاكل   التى  يعرفها  القطاع  الزراعى تنبع  من  الأنسان  كمخطط  أو  منفذ   أو  متابع  بالدرجة  الأولى ، فإذا  كانت  السياسات   الزراعية  تتأثر  نتيجة  لعدم  توفر  بعض  الموارد ، إلا  أن  سوء  توظيف  الموارد  المتاحة  هو  الأخر  قد  يعرض  القطاع   الزراعى   للكثير  من  المشاكل  و  الصعوبات ، مما  يعيق  أداءه  الطبيعى  . وعلى  هذا  الأساس  يصبح  لزاما  على  المعينين  بهذا  الشأن  تنظيم  القطاع  الزراعى  وفق  أسس  علمية  تعتمد   على  الأستخدام   الأمثل  للموارد  المتاحة ، والعمل  على  توجيهها  بكيفية  سليمة ،  حتى  يتسنى   تحقيق  مستوى  مقبول  من  الأنتاجية  الزراعية ، لنقترب  من تحقيق  الأكتفاء  الذاتى  فى  ما  نستهلكه ، من  المواد  الرئيسية  من  الدرجة  الأولى  ، التى  تشكل  مستوى  من  الأمن  الغذائى ، ولن  يتحقق  ذلك  إلا  باتباع  سياسات  زراعية  مدروسة  وحازمة ، تتميز  بالأستمرارية  و المتابعة .

إن  إتباع  سياسات  فعالة  لتطوير  القطاع  الزراعى   سيكون  بالضرورة  مرتبطا  بتحقيق  ألأهداف  الأجتماعية  التى  تساعد  على  زيادة  العمالة  والدخول  النقدية  لصغار  المزارعين ، كما  ان  التركيز  على  الزراعة  التصنيع  الزراعى  عموما ، والغذائى  خصوصا ، دفعة  قوية  حيث  سيعتبر  ذلك  ميزة  نسبية  للبدان  النامية ، ومنها  البلدان  العربية .  وتعطى  الصناعات  إحلال  الواردات  مجالا  جديدا  للتوسع  الصناعى ، ومن  ثم  تجنب  التبعية  الغذائية ، وبخاصة  فى  مجال  السلع  الأسترتيجية ، او  الواسعة  الأستهلاك ، بالسعى  إلى  إزالة  المعوقات  والمشاكل التى  تعرقل  مساره ، وذلك  بالعمل  على  ما  يلى :

(1 ) تفعيل القانون الذي يجرم التعدي علي الأراضي الزراعية، نعم يوجد قانون ولكن لابد من تفعيله بشكل حقيقي وربط قضية التعدي علي الاراضي الزراعية خاصة الأراضي القديمة في الوادي والدلتا بقضايا الأمن العام، خاصة اذا علمنا أن مساحة الأراضي التي يتم التعدي عليها في الوادي والدلتا تتراوح من 15 الي 30 ألف فدان سنوياً، وأن هناك اتجاها بشكل عام الي زيادة واستمرار ذلك التعدي اذا لم تحل مشكلة الاسكان، والتي تعتبر مسئولة بشكل كبير عن وجود تلك الظاهرة، مع العمل علي زيادة جعل قطاع الزراعة قطاعا مربحا للمزارعين مقارنة بقطاع التشييد والبناء من خلال اعادة النظر في السياسات المالية والنقدية للقطاع، الأمر الذي سيؤدي الي الحد بشكل كبير من التعدي علي الأراضي الزراعية ومن ثم الحد من الفقد في الأراضي الزراعية وبالتالي الحد من العجز في الميزان الغذائي المصري والحد من الفجوة الغذائية.

(2) عودة العمل بالدورة الزراعية، فلا يمكن في ظل الأوضاع العالمية الجديدة، والارتفاعات في أسعار الغذاء أن يترك المنتج الزراعي خاصة الكبار منهم ينتجون ما يحلو لهم، في ظل موارد أرضية ومائية محدودة. حيث أن المقصود بالدورة الزراعية هي انتاج منتجات يحتاجها المجتمع ولازمة للاستقلال الاقتصادي والسياسي للمجتمع، مع مراعاة الموارد المتاحة حتي لا يتم استغلال سيئ للموارد خاصة لمورد الأرض.

(3) الاهتمام بعمليات الانتاج الزراعي خاصة في قطاع الانتاج الحيواني في المناطق الصحراوية، حيث أن الكثير من تلك المناطق وبالتحديد في منطقة الساحل الشمال الغربي، ومنطقة الجنوب الشرقي في منطقة حلايب وشلاتين تحتوي علي أعداد من الحيوانات وعلي الأخص الماعز والأغنام، والابل والتي يمكن بواسطة القليل من الاهتمام بالانتاج النباتي وانتاج محاصيل الأعلاف ان يتم عبرها انتاج لحوم ومنتجات آلبان تساهم في حل أزمة اللحوم وتقليل الاعتماد علي الخارج في اللحوم الحمراء، وكذلك يمكن أن يتم تصدير منتجات الآلبان مثل الجبن وغيرها من ألبان الماعز الي دول الاتحاد الأوروبي، وتتميز تلك المنتتجات بارتفاع أسعارها العالمية، ولا يتطلب ذلك الا اعادة توزيع الخريطة الاستثمارية في الزراعة المصرية، مع توفير البنية الأساسية في تلك المناطق التي تتطلب جذب الاستثمار المحلي للتوجه اليها.  

(4) اعادة النظر في سياسة اولوية التصدير، حيث تكون الأولوية ليس للتصدير ولكن في توفير غذاء كاف وصحي ولجميع الطبقات وذلك من خلال عودة الدعم خاصة للمنتجين الزراعيين الذين ينتجون المنتجات الغذائية الأساسية، والتي ارتفعت أسعارها أو المتوقع ارتفاع أسعارها العالمية، والتي تكون جزءا كبيرا من فاتورة واردات الغذاء المصري مثل الحبوب وخاصة القمح والذرة والزيوت والسكر. بالاضافة الي اعطاء ما يسمي بالحوافز السعرية لهؤلاء المنتجين سواء خلال مراحل عملية الانتاج أو في خلال عملية التسويق للمنتجات الزراعية التي يتم انتاجها، حيث يمكن أن تكون أسعار البيع أو ما يسمي بالسعر المزرعي يزيد علي تكاليف الانتاج بما لا يقل عن 20% الي 25% حسب أهمية المنتج الزراعي، حتي يتسني للمنتج أن يستمر في العملية الانتاجية في المواسم القادمة. كذلك هناك أهمية اعادة هيكلة المؤسسات التسويقية الحكومية أو الأهلية للمنتجات الزراعية. فيجب ألا يترك المنتج الزراعي ألعوبة في أيدي التجار من القطاع الخاص يفرضون علية السعر الذي يريدونة، وبالتالي يقع فريسة سهلة في ايدي هؤلاء، بدون مؤسسات قوية تحمي الصغار منهم، علي وجه الخصوص. 

(5) لابد ان يقوم قطاع الزراعة بدوره في مد الصناعات الغذائية بالمواد الاولية التي تحتاجها بالاضافة الي التصدير فالتركيب المحصولي المقترح تتحدد ملامحه في تركيز الأراضي القديمة في الوادي والدلتا علي زراعات القمح والذرة والقطن وقصب السكر والبقوليات، وعلي الأخص الفول والعدس، وبالتالي خروج كل من الخضر والفاكهة من الأراضي القديمة الي الأراضي الجديدة أو الأراضي الصحراوية سوف يوفر نحو 1,6 مليون فدان يمكن أن تتم زراعة محاصيل الغذاء في تلك الأراضي، واذا ما تم خروج الأعلاف خاصة البرسيم المستديم من الاراضي القديمة يمكن أن يوفر نحو 1,5 مليون فدان أخري للموسم الشتوي يمكن أن يتم التوسع في زراعات القمح والفول في تلك الأراضي علي حساب البرسيم المستديم الذي يتم نقلة الي الأراضي الجديدة. وبالتالي يمكن من خلال تلك السياسات الاجرائية أن يتم توفير نحو 3 ملايين فدان من الأراضي القديمة في الوادي والدلتا يتم استخدامها في زراعة محاصيل الغذاء. علي ان يتم مثل ذلك الاجراء من خلال السياسات والحوافز السعرية التي يمكن أن توظفها السياسة الزراعية الواضحة المعالم والاستراتيجيات.

(6) توفير  المدخلات  الزراعية  المحسنة  من  أسمدة  ومبيدات ..... ألخ ،  والطاقة  المحركة  ليتم  بذلك  التغيير  النوعى ، مع  ضرورة  توفير  البذور  ذات  المردودية   العالية  لمنتجى  الحبوب  تحديدا ، بخاصة  منتجى  القمح ، ومن  النوعية  الجيدة  والقادرة  على  التأقلم  مع  الظروف  المناخية  للمنطقة . 

(7) مضاعفة الانفاق علي البحوث الزراعية لاسيما البحوث المتعلقة بانتاج وتطوير الاصناف المتأقلمة مع التغيرات المناخية، وخاصة الأصناف المقاومة للملوحة والأصناف المقاومة للحرارة والاصناف قصيرة المكث والأصناف الموفرة للمياه والمقاومة للجفاف. والانفاق علي تحسين السلالات الحيوانية .وتجدر الاشارة الي أن الانفاق الحالي علي البحوث الزراعية لا يتجاوز 25 مليون جنيه سنويا وهو ما يمثل 0,02% من الناتج المحلي الزراعي ،الأمر الذي لا يتناسب مطلقا مع التحديات التي تواجه مصر علي صعيد الأمن الغذائي مستقبلا، وعلي ذلك ينبغي مضاعفة هذا الانفاق الي أكثر من 20 ضعفا أي بما لا يقل عن 500 مليون جنيه سنويا، وهو مالا يتجاوز 0,5% من الناتج المحلي الزراعي، مع العمل علي انشاء عدد من الصوامع والشون علي مستوي لائق لتخزين القمح حتي لا يتعرض للتلف وعلي مواصفات ملائمة.

(8) لابد من العمل علي زراعة محاصيل عالية الانتاجية مقاومة للحرارة لتعويض النقص في الانتاجية، بالاضافة الي التوسع في زراعة القطن وبعض المحاصيل الصيفية الأخري مثل عباد الشمس، علي ان يكون ذلك بديلا لجزء من مساحة الذرة الشامية المتوقع انخفاض انتاجيتها، وكذلك اعادة توزيع أصناف المحاصيل علي مناطق زراعتها والزراعة في المواعيد المثلي، مع استخدام مزيد من التسميد الأزوتي في الزراعة لتجنب الآثار السلبية لزيادة درجات الحرارة وان كان هذا الاجراء له آثار سلبية في زياد تلوث المياه والتربة بالاضافة الي زيادة التكلفة.

(9) اتباع الاستراتيجات التي تعمل علي تقليل معدلات الزيادة السكانية عن 1,2% حيث أن ذلك المعدل لن يكون ملائما في ظل محدودية الموارد الزراعية وآثار المناخ علي القدرة الانتاجية للمنتجات الغذائية المصرية.

(10) تطبيق ما يسمي بمبدأ السيادة الغذائية بمعني سيطرة المجتمع المحلي علي طرق الانتاج وقوي الانتاج والموارد التي تستخدم في انتاج الغذاء والزراعة وان المجتمع المحلي هو الذي يحدد ما هي المنتجات التي ينتجها ويستخدم الموارد المتاحة في انتاج تلك المنتجات التي يراها هو بالاضافة الي تمكين المزارعين والفلاحين من الانتاج، بدلا من ملكية الشركات الاستثمارية للأراضي والمياه وملكيتها للجينات الوراثية وغيرها التي تستهدف الانتاج للتصدير وقد تسبب ذلك في الاستيراد المستمر للقمح والزيوت وغذاء الفقراء.

 (11) تدعيم  دور  المرأة  بالمزيد  من  المساهمة  فى  النشاط  الأقتصادى  وتنمية  القطاع  الزراعى ، واعتبار المرأة  محور  التنمية  المستدامة ، وأن  نجاح  الجهود  المبذولة  لتحقيق  التنمية  الريفية  المستدامة  تعتمد  بدرجة  كبيرة  على  مستوى  تأهيل  المرأة  الريفية ، و إكسابها  المهارات  اللازمة ، ومدى  وصولها  إلى  الموارد  والتمويل  اللازم  للتوسع  فى  نشاطها  الأنتاجى  النباتى  أو  الحيوانى  أو فى  الصناعات  الزراعية الصغيرة . 

(12 ) ضرورة  مراعاة  العولمة  الأقتصادية ،  ودراسة  تأثيراتها  فى  إنتاج  المزارعين  وفى  دخولهم ، وبالتالى  تجنب  التأثيرات  السلبية  و تشجيع  التأثيرات  الأيجابية . 

(13) ضروة  زيادة  الأستثمارات  الموجهه  إلى  الزراعة ، وبخاصة  بالنسبة  إلى  القطاع  الخاص ، واتخاذ  الإجراءات  التشريعية  والإدارية  و التنظيمية  المشجعة  لهذة  الأستثمارات ، محليا  وعربيا  و إقليميا  وعالميا.

(14) الأهتمام  بالتنمية  التسويقية ، داخليا  وخارجيا ، وأخذ  التسويق  على أنه  حلقة  مكملة  للأنتاج  لإشباع حاجات  المستهلك ، مع  العمل  على   تقليل   تكلفة   التسويق . 

(24) يبدو  أن  تحقيق  الأكتفاء  الذاتى  على  المدى  المتوسط  أمر  ممكن ، خصوصا  إّذا  تضافرت  جهود  البلدان  العربية  معا  فى  إطار  التكامل  الأقتصادى  ضمن  السوق  العربية  المشتركة ، و تعزيز  القدرات  الأقتصادية  فى  إطار  الشراكة  الأور- متوسطية  وفق  مبدأ  التعاون  الأقتصادى  والمصالح  المشتركة .   

الخاتمة :

تعتبر  الزراعة  بالنسبة  إلى  جميع  الدول  ركيزة  أساسية  للتنمية  بأبعادها  الأقتصادية  و الأجتماعية  والبيئية .  لذلك  ينبغى  الحرص  أكثر  على  دور  الزراعة  التنموى  بأبعادة  الثلاثة ، والتعامل  مع  قطاع  الزراعة على  هذا  الأساس  المتعدد  الجوانب ، والمتأمل  لأوضاع  القطاع  الزراعى  فى  مصر  يلاحظ  تخلفه  النسبى ، وذلك  بالرغم  من  الموارد  الأرضية  والبشرية  والمائية  والفنية  والمادية  المتاحة  نسبيا ، حيث  لأحظنا  أن  القطاع  الزراعى  مازال  يعانى  من الأهمال  و التخلف . وتعتبر  الفجوة  الغذائية  التى  تزداد  اتساعا ، إلى  جانب  مظاهر التخلف الأخرى  فى  القطاع  الزراعى ، كما  يعكسها  تدنى  العديد  من  المؤشرات  الأقتصادية  و الأجتماعية و الفنية  مقارنة  بدول  ومناطق  العالم  الأخرى ، نتيجة  واضحة  لتخلف  و إهمال  القطاع  الزراعى .

 لذلك  أصبحت  مصر  تواجه  تحديا  خطيرا  ذا  أبعاد  سياسية  واجتماعية و اقتصادية ، يتمثل  فى  قصور  الإنتاج  الغذائى ، والأعتماد  المتزايد  والمتسارع  على  المصادر  الخارجية  فى  توفير  احتياجات  السكان  من  المواد  الغذائية  الأساسية . وعلى  هذا  الأساس،  تبدو  المشكلة  الغذائية  بمثابة  مشكلة  أمن  غذائى  وطنى ، باعتبار أن  الأمن  الغذائى  هو  أحد  المكونات  الرئيسية  للأمن  الأستراتيجى  للبلاد، ومن ثم  أصبح  لزاما  على  مصر  أن  تنمى  قطاعها  الزراعى  من  أجل  سد  الفجوة  الغذائية ، بتشجيع  الأستثمارات  الأجنبية  والمحلية . 

حيث  إن  التنمية  الزراعية  لا  تعنى  تضييق  الفجوة  الغذائية  بين  الأنتاج  والأستهلاك ، ولكنها  تمتد  إلى  رفع  كفاءة  استغلال  الموارد  المتاحة ، وعلاج  الخلل  فى  الميزان  التجارى ، وإقامة  المشروعات  الجديدة  لتستوعب  أعداد  كبيرة  من  العمالة ، وتوفير  المواد  الأولية  للتصنيع  الزراعى ، فالتنمية  الزراعية  تحتل  حجر  الزاوية  فى  التنمية  الأقتصادية  و الأجتماعية  الشاملة ، حيث  أن  التنمية  الزراعية  تعنى  استقلال  القرار  السياسى ، وذلك  تطبيقا  للمقولة "من  لا  يملك  قوته  لا  يملك  قراره" ، وعليه  يبقى  التحدى  الغذائى  هاجسا  يشكل  أكبر  التحديات  التى  واجهت  وتواجه  الأقتصاد  المصرى ، والعربى  عموما  الذى  مازال  عاجزا  عن  تلبية  الأحتياجات  الغذائية  للسكان  فى  مجال  الحبوب ، وتشكل  العقبات  التكنولوجية  أهم  المعوقات  التى  تواجه  تطوير  الزراعة  العربية  عموما ، و المصرية  خصوصا  . بذلك لن تستطيع مصر تحقيق أمنها الغذائى دون ضبط الزيادة السكانية التى تلتهم خطط التنمية. وأستطيع أن اؤكد أنه لن يكون هناك أمن غذائى فى ظل الزيادة السكانية الحالية. ولابد من وجود إجراءات لضبط التزايد السكانى وتحقيق النجاح للعملية التعليمية، مع التركيز على ضمان تعليم السيدات والفتيات للمساهمة فى حل المشكلة، بالإضافة إلى الاهتمام بالبحث العلمى.نستطيع أن نؤكد أنه تحت الظروف الحالية لتهميش دور القطاع الزراعي وإهماله, ومشاكل المياه مع دول منابع النيل وتراجع دور البحث العلمي والتعليم الزراعي .

 فإن الفجوة الغذائية المصرية ستزيد بنسب تتراوح بين25 ـ30% في عام2030, وبضعف هذا الرقم في عام2050, بما يستنفد جزءا كبيرا من الاقتصاد المصري في مواجهة زيادة أسعار الغذاء دوريا في ظل تغيرات المناخ وأثره علي نقص الإنتاجية العالمية وقرب نضوب البترول وارتفاع أسعاره وبالتالي ارتفاع أسعار النقل البحري للحاصلات الغذائية. الأمر لم يتوقف علي ذلك فقط ولكن وصول عدد سكان العالم إلي9 مليارات نسمة عام2050 ونحو8 مليارات نسمة عام2030 بالمقارنة بتعداد7 مليارات حاليا ينذر بعدم توافر الغذاء بسهولة في الأسواق العالمية نتيجة لاستهلاكه داخل الدول المنتجة له بعد زيادة عدد سكانها لأننا نستورد ما يفيض عن احتياجاتهم.

مستقبل أمن مصر القومي مرتبط تماما بعودة الاهتمام بالقطاع الزراعي وتأمين الموارد المائية بالتعاون مع دول حوض النيل وزيادة مخصصات البحث العلمي القومي لإنتاج الأصناف الآمنة من الغذاء بدلا من استيراد المتحور وراثيا منها والمدمر لصحة البشر وحتي لا نعيش كفئران تجارب للغرب. الأمر ينذر من الآن بحتمية التوسع الزراعي في السودان ودول حوض النيل لتأمين مستقبل الأمن الغذائي المصري.

 فى النهاية : لابد من تعزيز التكامل الاقتصادي العربي: عن طريق التنسيق بين السياسات الاقتصادية وتنشيط العمل العربي المشترك خاصّة في الميدان الزراعي وخلق سوق عربية مشتركة،ا لعمل على تحسين القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية العربية في الأسواق المحلية والعالمية في ظل التحولات الاقتصادية الراهنة التي فرضتها اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ولن يتم ذلك إلا من خلال إستراتيجية تجعل من بين أهدافها تحقيق الكفاءة الإنتاجية وما يتطلبه ذلك من خفض للتكاليف. ثم إن القدرة التنافسية ليست مبنية فقط على خفض التكاليف وإنما أيضا على الرفع من مستوى الجودة .